محمد شحرور: فصل السلطات في الإسلام ليس واضحاً حتى الآن للحركات الإسلامية السياسية



إذاً أين الدولة في الإسلام؟ هل توجد دولة إسلامية؟

عندما نقول الدولة تعني مدنية فقط، كيف تكون الدولة في الإسلام إسلامية؟ الإسلام دين عالمي فكيف يكون دين دولة أو دولة دين وهناك 193 دولة في العالم حالياً؟ والإسلام دين عالمي أي حدود عامة للتشريع وقيم تواضعت عليها شعوب العالم وتستعملها فكيف يكون دولة؟ تصور موناكو دولة والصين دولة فكيف نقول دولة إسلامية والإسلام دين لكل أهل الأرض لأن الدولة تحمل طابع المحلية؟ قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[الروم : 30]. سئلت عن فطرة أهل الأرض؟ فقلت خذوا أية قوانين في أية أمة فتجد أنها في 99,99 صحيحة، من هنا الفطرة التي فطر الله الناس عليها وليس فيها تجاوز لشيء محرم، فلم يحلل بالقانون محرّم، إلا في بند قوننة الزواج المثلي في بعض الدول، فالقوانين تقوم بتنظيم الحلال. ولا تقونن المحرمات، وكل أهل الأرض تَبَنَّت نظرية الحدود في التشريع.
صندوق الاقتراع هو الطريق الوحيد إلى السلطة
ما تقديرك للإسلام السياسي؟
سؤال مهم جداً، بخاصة حالياً، والحقيقة أني أرى بعد 40 سنة من درس الإسلام السياسي أنه اقتنع الآن بأن الطريق الوحيد إلى السلطة هو صندوق الاقتراع. وهذا قلته في حديث لي لـ «نيويورك تايمز». لكني إلى الآن أنا غير واثق تماماً من قناعتهم فعلياً بأن ديكتاتورية الأكثرية غير صحيحة، ولا يجوز أن تكون مسوّغاً للحكم. وهذه الديكتاتورية يمكن أيضاً أن تتحقق في الواقع عن طريق صندوق الاقتراع. وإذا كانت هناك رغبة في أن يتم التصويت على أي نقطة وفكرة غير قابلة للتصويت عليها، نكون أمام مشكلة بالفعل. وحيث يعتمد الدستور مبدأ الاحتكام إلى الاقتراع، ولكن في الديموقراطية هناك قواعد هي فوق الدستور، ولا يصح التصويت عليها في أي حال، أي مسلمة لقيام النظام العام في بلد ما. وهذا ما يطرحونه في مصر حالياً. وإذا أقر الإسلام السياسي وجود قواعد لا يصوّت عليها سيكون مقبولاً إذا اعتبرت المحرمات الـ 14 لا يصوت عليها أيضاً مثل تحريم: قتل النفس، أكل مال اليتيم، عدم البر بالوالدين… لكن هناك مبادئ حقوقية مدنية وأساسية مثل المحرمات ويجب اعتبارها فوق التصويت أيضاً، مثل: حقوق الأقليات الدينية والعرقية والسياسية في الوجود وممارسة النشاط، وحق التعبير بأنواعه… هذه أيضاً لا يصوت عليها. وهذه يجب إقرارها. وهي تمثل الإشكالية حالياً التي تواجه الإسلام السياسي بضرورة التفريق بين الديموقراطية وديكتاتورية الأكثرية. ويجب أن يُعلن هذا التفريق صراحة.
أرجو أن تكون الحركات الإسلامية في تونس ومصر وغيرها قد تخطت عوائق الديموقراطية كما قلت وتتجه إلى اعتبار المبادئ الحقوقية الأساسية للفرد والجماعات هي مبادئ لا يصوت عليها وهي مسلمات فوق الدستور، التي نستطيع تصنيفها ضمن قواعد الميثاق الذي يعلو على الدستور.
إذا تمكن الإسلام السياسي من بلورة مبادئ حقوقية لا يصوت عليها للميثاق السامي على الدستور وآلياته وتطبيقها ومراعاة إجرائه يكون خطى خطوة ديموقراطية جبارة.
قناعتي هي أن حزب العدالة والتنمية التركي بلغ هذا المستوى من الديموقراطية وهي أنه لو خسر الانتخابات فلن ينتكس على النتائج ويصر على البقاء في الحكم تحت ذرائع مختلفة، وأرجو أن لا أكون مخطئاً.
وعلى الحركات الإسلامية السياسية أن تعلم تماماً بأنه ليس من مهمة الدولة إرسال الناس إلى الجنة بالقوة، أو منع الناس من الدخول إلى النار بالقوة. مهمتها هي تصريف أمور الحياة الدنيا.
الديموقراطية التركية أصيلة…
صحيح. لكن نحن نهتم الآن بتونس ومصر وغيرهما حيث الأنظمة فيهما سارت على آليات ديموقراطية حقيقية، وليست فيهما ديكتاتورية.. أي أن هناك مبادئ يجب رفعها عن التصويت عليها. الآن موقف حركات الإسلام السياسي مازال فيه غموض. وبعض الحركات الإسلامية ترفض وجود مبادئ حقوقية تعلو على الدستور. ولكن عليها أن تزيل هذا الغموض.
أخيراً ما موقفك من العلمانية والعلمنة؟
مشكلتنا ليست في العلمنة والعلمانية. الدولة السوفياتية كانت علمانية بامتياز ولكنها دولة مستبدة غارقة في الطغيان ومعاداة الأديان كلها. مشكلتنا هي في استيعاب الديموقراطية وتداول السلطة. إذا كانت العلمانية هي تطبيق هذين المبدأين وضمنهما فهي «على رؤوسنا»، والباقي كالشعائر والقيم لا علاقة لهما بالتشريع وأن الدولة لا تتدخل إطلاقاً في الشعائر لأي ملّة موجودة ولو كان عدد أفرادها قليل. والحقوق التي لا يصوت عليها وهي الحقوق الفكرية والسياسية وحرية الكلمة بمختلف أنواعها مصانة للأقليات وللأكثرية على حد سواء، هذه قواعد النظام الرشيد برأيي، فلا فرق عندي إذا سمّيته العلمانية أو الإسلامية.
المشكلة في النظام العلماني ليست في أنه ما إذا كان مع الدين أو ضده، بل هل العلمانية مستبدة أم غير مستبدة؟ فإن كانت غير مستبدة فهي بالضرورة ليست ضد الدين. فالاستبداد والطغيان يتجاوزان كثير من القيم الأخلاقية والإنسانية بالضرورة حتى ولو كان باسم الدين، وهو رأس مشاكلنا وعلينا التخلص منه تحت أي شعار كان ديني أم علماني. وآن لنا أن نرسخ مفهوم الدولة والمواطن عوضاً عن دولة الراعي والرعية. وهذا المفهوم للدولة لا مكان لمفهوم أهل الذمة.
لكنك قلت إن أي سلطة تعتمد الإكراه لا مسوغاً إسلامياً له…
امتلاك أدوات الإكراه هو أحد مركبات السلطة وهي السلطة التنفيذية، وهذه السلطة لا يمكن أن تأخذ شرعيتها من الدين، أو من أي طرف إلا من خلال عقد اجتماعي مع الناس التي ستمارس السلطة عليهم، وهنا إن أساس الأسس في أي دولة هو فصل السلطات. التشريع لا يملك أداة الإكراه، وأداة الإكراه لا تملك التشريع، والقضاء هو صلة الوصل بين الاثنين. وهنا علي أن أنوه أن الرسول الأعظم مارس السلطة من مقام النبوة، وكان قائداً عسكرياً من مقام النبوة أيضاً، وأسّس الدولة من مقام النبوة، وأمر ونهى في مجتمعه من مقام النبوة، وكلها في حياته وكان مجتهداً فيها ولا تحمل الطابع الأبدي، وهي بالنسبة لنا للاستئناس فقط، وهي تاريخ وليست ديناً. أما القيم والأخلاق والشعائر فقد مارسها من مقام الرسالة ولا يوجد فيها إكراه وكان معصوماً فيها. وقد شرحت هذا في كتاب لي قيد الطبع الآن بعنوان (السنة الرسولية والسنة النبوية).
عباس بيضون
صحيفة السفير

بيوترعن موقع بيت الانسان كوتش رشيد ديباك شوبرا لويس هاي ايكارت تول تنمية بشرية الذات فائض احتمال محمد هندا جنس روحي تانترا يوغا واين داير تاو تاوية الديانة مقارنة الجاذبية روحانية قوانين الروحية السبع الجاذبية محمد شحرور محمد كيلاني الصراط المستقيم عن مدونة المحترف للمعلوميات كمال الأجسام جيمس موريس سانتولعلي الشرقاوي دايفيد ايكعن مدونة المجتمع العلمي المغربي دايفيد ايك محمد عبد القادر الفار تحوت عرفان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفرق ما بين الجنس العادي و الجنس الروحي المتعدد الرعشات

شاهد فلم what the bleep do we know مترجم الى اللغة العربية.